من الذي حرق البوصلة ..؟!
بعد هجمات فرنسا الأخيرة تباينت ردود الأفعال بشكل كبير جداً بيننا في المجتمع العربي الإسلامي ..فما بين مؤيد وبقوة لكل ما يضرب عمق الغرب "الصليبي" بغض النظر عن كون العمل قد مس مدنيين أم لم يفعل، ومنهم من أدان بشدة مثل هذه الأعمال ..
وما بين هذا وذاك ..ظهر من يرفض هذه الأعمال لكنه يجد تبريراً لها كون فرنسا أحد المشاركين الفاعلين في حرق العالم الإسلامي وخصوصاً في سوريا وليبيا ..ومُذكريّن في الوقت نفسه بما فعلته فرنسا في الجزائر بقتلها لمليون مسلم، وجرائمها في مالي ..
كانت تلك هي الآراء في مجملها وباختصار .. لكن هنالك تساؤل مهم لم يغادر خلدي من ذلك الوقت..
ما الذي يميزني كـ"مسلم" عن العالم أجمع ..؟
أولاً:
تحية الإسلام هي "السلام" ..وهي الكلمة التي يُتاجر بها العالم أجمع دون أن يحققها إلى الآن "World Peace" ..بل أفعال العالم تودي إلى العكس تماماً ..!
أن يكون دين تقوم تحيته على هذه الكلمة..يستحيل أن يلتقي في مضامينه مع فكر العصابات وأعمال المافيا ..
وفي نفس السياق يحضرُني ما أصبح يُصوّر في الأفلام ..ونراه أحياناً واقعاً للأسف، من تجهم الوجه مع قول "السلام عليكم" ..وكإنها إعلان حرب ..بدلاً من سلام ..!!
ثانياً:
المسلم ..يسلم الناس من لسانه ويده، وما يميزه عن العالم أنه يقابل الإساءة بالإحسان "ادفع بالتي هي أحسن السيئة" (المؤمنون) ..وهي قمة الخلق الراقي ..وإلا فما يميزنا كمسلمون ..؟!
ثالثاً:
المسلم في ثأره عادل .."وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولإن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين" (النحل)، فلا يجوز له أن يثأر من الأحفاد بجرم الأجداد ..!
رابعاً:
المسلم صاحب رسالة في أصله ..ورسالته ليست قتل العالم وإرساله إلى الجحيم ..بل أن يبذل الجهد في "تبليغ" هذه الرسالة ليُسمعها الجميع ..ليُمهد له طريق الجنة كما يطمح ويعتقد، وما كان من قتال فهو لا يتخطى إزالة العوائق التي تحول دون تبليغها ليس إلا .. وبذلك هو لا يقاتل مدنيين عزل ولا يُروّع أمنهم، فهو يختلف عن التتار بالتأكيد، ..بل بالعكس قتاله من أجلهم ومن أجل أن يصل إليهم بدعوته..
فإذا كان في زماننا الوصول إلى الغرب ودعوته في عقر داره دون عوائق إلا قليلاً أصبح أمراً سهلاً ويسيراً ..فالأولى أن نرى ربما اختلافاً للعلماء في موضوع جهاد الطلب ..ليس أن يختلف الناس في تفجير الآمنين ..!
هذه هي البوصلة التي أرى -مما قرأت وشاهدت من مواقف- أنها لا أقول انحرفت ..بل احترقت ..فمن الذي فعل ذلك في عقولنا ..؟!