تعديل

الجمعة، 7 يوليو 2017

حينما ترى الفصام المجتمعي في قضية واحدة ..في دقائق معدودة!


من مظاهر الانفصام المجتمعي المثير للشفقة ..حوار كالذي دار في طريق العودة الطويل اليوم، وكميات التحليلات والآراء والقصص التي تبادلها الركاب حول المرأة، والمقاصد التحليلية وراء ما يحدث أحياناً في سيارات النقل العمومي من طلب البنت مثلاً لراكب بجانب السائق أن يتنازل لها عن مقعده، أو حينما تضع فتاة شنطتها حاجز بينها وبين راكب ..أو عن نوايا السائقين ..وحوارات وقصص حقيقةً تُخبرك عن حجم المأساة التي يعيشها المجتمع المكبوت فكرياً وجنسياً ..من كلا الجنسين ..لأن مجرد طرح هذه التفاصيل كقضايا تستحق النقاش ..يعني أننا ما زلنا لا نرى الدرجة الأولى في سلم النشوء والارتقاء نحو مجتمع نجح في التخلص من عقده ..وإرث الكبت المقيت ..



ليت الحوار توقف عند هذا الحد والإطار ..لكان أهون والله ..لكن تحولّت الدفة بعد أن عرّجوا على أن أحد أهم أزمات المرأة النفسية هي الجلوس الطويل في البيت دون متنفس ..ثم انتقل المسار بشكل دراماتيكي نحو وضع غزة الخالي من المرافق وأماكن التنزه ..وأنه السبب الرئيس أن الرجل لا يقوم بمهامه بالـ"الترفيه عن العائلة" على أكمل وجه..لينتهي الأمر بتمني الركاب جميعهم أن تتحول غزة لما يشبه أوروبا! إلا واحد استدرك الأمر بالتراجع في الأمنية ..خوفاً من استنساخ فكرة "المجتمع الأوروبي الإباحي" .. 
كنتُ سأقطع صمتي الطويل عند هذا التحول الأخير لولا أني أوشكت على الوصول ..والنزول ..ولولا يقيني بأن ما سأدلي به سيحتاج لوقت أطول لإيضاحه مكتملاً غير منقوص ..حتى لا يُحمل في غير محامله، ولربطه بحوارهم السابق الطويل .. 
الفكرة هي حينما تتمنى حياةً أوروبية كأرض ومدن وتفاصيل مبناها الحجر والشجر، وتُغفل أن العقل الذي يعتبر المرأة بحد ذاتها أزمة ..ولم تصل لمرحلة الإنسان المستقل بعد ..هو فعلاً الأزمة الحقيقية ..وأنه غير جاهز للتجربة الأوروبية التي قامت على احترام الحريّات كحجر أساس ..ومنها حرية المرأة كإنسان مستقل غير مرتبط برؤى الأب والأخ والزوج والابن ومفهوم الوصاية عليها ..المستمر إلى ما لا نهاية .. وهذا هو مربط الانفصام ..


الكارثة هي حينما تتحدث مثلاً عن الاستفادة من التجربة الأوروبية ..بعنوان عام ..فيكون تفصيل التجربة عند المستمع هو "المجتمع الإباحي" ..! وهذا في الحقيقة انعكاس لأزمة الشخص نفسه وعقدة الكبت المخيف التي توارثتها الأجيال، لأن في أوروبا أشياء كثيرة للاستفادة في الاقتصاد والمؤسسات والسياسة والحياة الاجتماعية وخلافه ..ليس ضمن هذه القائمة التي نطرحها بالتأكيد نقل التجربة الإباحية للمجتمع! 
بالمناسبة ..لأن المحور الحقيقي هو العقل ..فكثير ممن هاجر لدول أوروبية واستقر بها ..أتحفونا بفيديوهات ندم أليم وتحذير أخ لأخيه المسكين ..بأن لا ينخدع بالحجر والشجر ..لأنه لن يستطيع أن يتماشى ويتماهي مع المحيط ..وهذا يؤكد ما أشرت له أعلاه من عدم جاهزية العقل العربي لكثير من المفاهيم العصرية والحداثية لاكتفائه بتقييم المظهر عن بعد ..ابتداءً ..


0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More