لا أدري كيف يمكن الكتابة لتوفيّة هذه الرواية حقّها ..
هي تُحفة ..تحفة أدبية ..وفنيّة ..وتاريخية ..وسياحية ..ومعمارية ..!
نعم ..جمعت كل ذلك معاً ..
فمن الناحية الأدبية ..والسرد الروائي، تميز الكاتب في التنقل والتأرجح بأحداث الرواية ..وكأنها سيمفونية تعلو وتهبط ..يشتد الإيقاع ثم يتباطئ ليعود للذروة مرةً أخرى ..
إضافة لذلك ..فقد جمع فيها ألواناً مختلفة من الروايات ..عنوانها الرئيس هو الغموض ..وتفاصيله الفرعية تحتوي على الرموز الفنية والمعمارية ..المغامرة ..النفس الإنسانية ..العقل المتقد ..اللامع ..أين ممكن أن يذهب بصاحبه في أجواء الجريمة بقواعد لعب علمية على طريقة البروفيسور موريارتي في روايات شيرلوك هولمز.
وهي فنيّة ..إذ لا يخلو فصل من فصولها تقريباً من ذكر للوحة أو نقوش ..وهي في الأساس قد قامت على نص الكوميديا الإلهية لدانتي أليغيري ..وعلى لوحة الجحيم لبوتاتشيلي .. الترجمة الفنية للنص، وفيها إشارات متعددة كما ذكرت للكثير من اللوحات والأعمال البارزة لرواد في الفن، كلوحة فاساري في قصر فيكيو ..التي كانت أحد المفاتيح الهامة في أحداث الرواية ..
وهي تاريخية ..إذ لا يمكن أن يمر ذكر لشخصيات غابرة ..عاش أغلبها في حقبة القرون الوسطى ..دون أن يترتب على ذلك الكثير من الإشارات التاريخية ..لأحداث أو شخوص ..من ملوك وفنّانين وغير ذلك ..
وهي سياحية ..إذ تجعل القارئ مشدوهاً بالوصف الدقيق الذي يُقدمه الكاتب لكل معلم يرد ذكره ..لكل طريق ..جسر ..حديقة ..كاتدرائية ..كنيسة ..مسجد بطريقة تشد القارئ وتُبهره ..وتجعل أحد أحلامه هي زيارة هذه الأماكن ..وقد كانت جولات الكاتب في ثلاث مدن:
فلورنسا ..مهد الفنون والأدب..
البندقية -فينيسيا- المدينة العائمة التي يكفي وصفها بهذه الصفة لأن يجعلها حلم كل من يسمع بذلك، ناهيك عن المباني التاريخية ..
أسطنبول ..حاضرة الشرق والغرب ..التي جمعت بين ربيع بيزنطة ..وامبراطورية العثمانيين ..فأخرجت مزيج ما زال يُدهش العالم..
أخيراً معمارية..لأن الكاتب أسهب وأبدع في وصف في التفاصيل المعمارية لكل معلم بطريقة رائعة ..وقد تكون مُلهمة حقاً للمهندسين والمهتمين بدراسة إحداها على الأقل بعد أن ينتهي من الرواية..
فقد كان يصف المعلم بتفاصيله، شكله، أعمدته ..أقواسه ..مداخله..سراديبه ..الفسيفساء ..النقوش ..وأحياناً يُبدي رأيه على لسان لانغدون بطل الرواية..وهو ما ينم عن خبرة عميقة لدى الكاتب ..
المزيج أعلاه هو العناوين الرئيسة ..تحتها تفصيل يستحق أن يُخاض غماره ..
كنت سأذكر أنني أتمنى لو أن يتم تأديتها في عمل سينمائي ..لكن تفاجأت أثناء بحثي عن صورة للمقال بأنه قد تم تمثيلها فعلاً في فيلم لتوم هانكس ..بعنوانها الأصلي بالانجليزية Inferno ..
وفي لحظات كتابة هذه الكلمات ..تتم عملية التحميل ..لتتويج القراءة بالمشاهدة ..رغم قناعاتي التامة أن الروايات هي الصورة الأكمل والأجمل للعمل الفني من الأعمال السينمائية التي تقتضب وتقتضم الكثير في طريقها ..
قراءة ممتعة .. :)
0 التعليقات:
إرسال تعليق