تعديل

الأحد، 5 فبراير 2017

عين على مسلسل "ملوك الطوائف" .. ج1






ملوك الطوائف، أيقونة في المسلسلات التاريخية ..كما توقعته منذ أن شاهدت إعلانه أول مرة عام 2005! 
منذ ذلك اليوم ..وأنا أتوعده بالمشاهدة، ولم أفعل إلا هذا العام!
ربما لأن لي عادة لا أحب مخالفتها في المسلسلات التاريخية، وهي قراءة ولو جزء من الحقبة التي تتحدث عنها ..وقد فعلت منذ أعوام لكني أيضاً لم أشاهده ..
كان الدافع الخاص لمشاهدة المسلسل، معضلة في الحكاية، ومشهدان من الذاكرة .
أما المعضلة ..فهي أن ما رسب في ذاكرتي مما قرأته وسمعته، أن المعتمد بن عبّاد استنجد بالمرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين لنصرته على الروم، ثم نُفي ابن عبّاد إلى أغمات في المغرب ..هذه الحكاية لم تكن تحمل أي منطق خصوصاً مع ورود العبارة الشهيرة على لسان المعتمد: "لئن أرعى الجمال عند ابن تاشفين، خير لي من رعي خنازير ألفونسو في قشتالة" ..
كان التساؤل ..لماذا جزاؤه النفي وحياة الفقر والفاقة ..كأقل ..أو ربما أدنى من أدنى رجال العامة؟!! 

أما المشهدان ..فأحدهما من إعلان المسلسل نفسه..والآخر من مقطع عابر.. ما زالا يذكرانني بأنني يجب أن أشاهده ..
الأول ..علقت فيه في ذهني عبارة هزتني كثيراً، كنتُ أذكر منها ما نصّه: 
"لو كانت الملوك على قدر المواهب ..لكان أحق الناس بالملك ابن ......" والاسم كاملاً لم يكن يومها متضحاً تماماً ..فكان دافعاً لأتعرف على ذلك الموهوب ..لأعرف ميّزاته ..

أما الثاني فهو مشهد للممثل المغربي محمد مفتاح على جسر خشبي يؤدي شيء من رقصة الفلامينكو -الإسبانيولي- وقد استوقفني يومها لأنني لم أكن أعتقد أنها قديمة إلى هذا الحد ..إضافة لرغبتي في معرفة أصولها إن كانت أندلسية ..أم أن أهل الأندلس أخذوها عن "الفرنجة"! 

واستباقاً للنتائج ..كان المشهد الأول فعلاً في المسلسل ..لكن كانت العبارة الدقيقة ..






أما المشهد الثاني ..فانتهى المسلسل دون أن يكون فيه، فبدا لي أن المشهد العابر الذي رأيته كان في مسلسل آخر ..وتخميناً جديداً أنه في "ربيع قرطبة" ..لأن طاقم التمثيل مشترك بشكل كبير ..وهو المسلسل الذي بدأته فعلاً .. 
أما المعضلة ..وتفاصيلها ..فسيأتي نقاشها لاحقاً ..


كنتُ أعتقد أن المسلسل يدور حول فترة المعتمد بن عبّاد بشكل كامل ..لأنه عادةً ارتبطت قصة ضياع الملك ..وانتقاله إلى المرابطين في المغرب بحقبة المعتمد ..لكن المسلسل يبتدئ قبل ذلك بزمن ..ويبدأ من حقبة جده أبو القاسم ..حيث تكون فترة ما عُرف بـ"حكم الجماعة" ..ومع ذلك كانت السطوة العليا لبني عبّاد ..لمكانتهم ونسبهم ..

الملفت أن يشترك عرف الماضي والحاضر في محاولة طلاب الملك والرياسة الدائمة الحصول على شرعية يستخدمونها كمطية للوصول ..كفكرة الخلافة أوالنسب إلى آل البيت ..أو تحكييم الشريعة أو وحدة الأمة وخلافه من الشعارات التي ما رُفعت .. إلا لتُخالَف بعد أن تتحق غايتهم في الوصول للكرسي! 
وهذا المقطع يحكي شيئاً عن هذه الفكرة ..في تلك المرحلة ..





الشخصية الملفتة في تلك الفترة وما تلتها كانت شخصية "المعتضد بن عبّاد" ..والد المعتمد ..وما أسهل أن يذكرك بالسياسة في هذا الزمن ..تفعل كل شيء من أجل السطوة والسلطان ..وتوطيد الحكم وتوسعته ..
فهو رجل يفهم كيف تفكر العامة ..فيستعين بفكرة "شبيه" للخليفة المفقود ..هشام ..المؤيد بالله ..ليفتح باب لشرعنة فكرة توسع بني عبّاد من إشبيلية إلى ضم باقي الممالك ..كهدف منشود ..
وهو رجل يُدرك طبائع السلطان ..وعقباته ..فلا تأخذه العاطفة لحظة واحدة في قرار قد يزعزع أركان الملك ..فتصل به الأمور إلى قتل ولده بيديه! 

في الحقيقة ..قد يبدو ذلك مهولاً جداً ..لكن لو نظرنا إلى السياسة وتمكين الدول في فترات صعودها بالأخص ..ففكرة المبادئ في السياسات الخارجية غير مطروحة على أجندة أي من الدول ..فحلفاء الأمس ..أعداء اليوم ..والعكس ..ولذلك تفشل الدول العربية وحركات الإسلام السياسي التي وصلت إلى الحكم في "لعب" السياسة بقواعدها مع العالم ..بل تكون دائماً لقمة سائغة .. 

في خضم المسار السياسي الحافل في المسلسل ..يسير معه بالتوازي خط أدبي جميل ورائع ..يبرز فيه بشكل خاص الشاعر "ابن زيدون" صاحب المكانة والحظوة عند أصحاب قرطبة لما له من مساهمة في توطيد ملكهم ..وتطفو بالطبع قصة غرامه بولّادة بنت المستكفي ..ابنة الخلفاء .. 

فيُضفى على المسلسل جو أدبي رائع ..ورائق ..وأنيق

كانت هذه المقدمة ..في المقالات القادمة نناقش مقتطفات على خطين أساسيين ..السياسي ..والأدبي ..وبشكل أكثر تركيزاً ..







0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More