أبو بكر الداني المعروف بابن اللبانة في المعتمد_بن_عباد:
لكل شيء من الأشياء ميقات *** وللمنى من منائيهن غاياتُ
والدهر في صبغة الحِرباء منغمس *** ألوان حالاته فيها استحالات
ونحن من لعب الشطرنج في يده *** وربما قُمرت بالبيدق الشاة
انفض يديك من الدنيا وساكنها *** فالارض قد أقفرت والناس قد ماتوا
وقل لعالمها السفلي قد كتمت *** سريرة العالم العلوي أغمات
طوت مظلتـها لا بــل مــذلـتـها *** من لم تزل فوقه للعز رايات
مَن كان بين الندى والبأس أنصلُه *** هندية وعطاياه هنيدات
رماه من حـيث لم تـستـره سـابــغة *** دهر مصيباته نبل مصيبـات
وكــان مـلء عـيـان الـعين تبصره *** وللأمــاني فـي مـرآه مـرآة
انكرت الا التواآت القيود به *** وكيف تنكر في الروضات حيات
غلطتُ بين هَمايينِ عُقدنَ له *** وبينها فاذا الأنواع أشتات
وقلت هنَ ذؤابات فَلم عكست *** من رأسه نحو رجليه الذؤابات
حسبتها من قناه أو أعنته *** اذا بها لثقاف المجد آلات
دَرَوهُ ليثاً فخافوا منه عادية *** عذرتهم فلعدو الليث عادات
منه المهابات في الارواح آخذة *** وان تكن أخذت منه المهابات
لو كان يُفرجُ عنه بعض آونةٍ *** قامت بدعوته حتى الجمادات
بحر محيط عهدناه تجيء له *** كنقطةِ الدارةِ السبعُ المحيطات
لهفي على آل عباد فانهم *** أهلة مالها في الأفق هالات
تمسكت بعرى اللذات ذاتهم *** يا بئس ما جنت اللذات والذات
راح الحيا وغدا منهم بمنزلةٍ *** كانت لنا بُكَرٌ فيها وروحات
أرضٌ كأنّ على أقطارها سُرُجا *** قد أوقدتهن في الاذهان أنبات
وفوق شاطيء واديها رياضُ ربي *** قد ظللتها من الأنشام دوحات
كأن واديها سلك بلبتها *** وغاية الحسن أسلاك ولبات
نهر شربت بعبريه على صور *** كانت لها فيَ قبل الراح سورات
وكنت أورق في أيكاته ورقاً *** تهوى ولي من قريض الشعر أصوات
وكم جريت بشطى ضفيته الى *** محاسن للهوى فيهن وقفات
وربما كنت أسمو للخليج به *** وفي الخليج لأهل الراح راحات
وبالغروسات لا جفت منابتها *** من النعيم غروسات جنيات
معاهد ليت اني قبل فرقتها *** قد مت والتاركوها ليتهم ماتوا
فجعت منها باخوان ذوي ثقة *** فاتوا وللدهر في الاخوان آفات