وإليك أسجاعًا سجع بها الفتح في قلائد العقيان في تولي الظافر قرطبة وقتله:
ولما انتظمت في سلكه (انتظمت قرطبة في سلك المعتمد) واتسمت بملكه أعطى ابنه الظافر زمامها، وولاه نقضها وإبرامها، فأفاضفيها نداه، وزاد على أمده وقَداه، وجملها بكثرة حبائه، واشتغل بأعبائها عن فنائه، 15 ولم يزل فيها آمرًا وناهيًا، غافلًا عن المكر ساهيًا، حُسنَ ظن بأهلها اعتقده، واغترارًا بهم ما روَّاه ولا انتقده، وهيهات كم من ملك كفنوه بدمائه، ودفنوه بذمائه، وكم من عرش ثلوه، وعزيز أذلُّوه، إلى أن ثار فيها ابن عكاشة ليلًا، وجر إليها حربًا وويلًا، فبرز الظافر منفردًا من كُماته، عاريًا عن حُماته، وسيفه في يمينه، وهاديه في الظلماء نور جبينه، فإنه كان غُلامًا كما بلَّله الشباب بأندائه، وألحفه الحسن بردائه، فدافعهم أكثر ليله، وقد مُنِعَ منه تلاحقُ رَجْله وخيله، حتى أمكنهم منه عثرة لم يُقَل لها: لعا، ولا استقل منها ولا سعى.
إلى أن يقول:
ولما كان من الغد حُزَّ رأسه ورفع على سن رمح وهو يشرق كنار على علم، ويرشق نفس كل ناظر بألم، فلما رمقته الأبصار وتحققته الحماة والأنصار، رموا أسلحتهم، وسووا للفرار أجنحتهم، فمنهم من اختار فِراره وجَلاه، ومنهم من أتت به إلى حينه رجلاه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق