تعديل

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

بثينة بنت المعتمد

بثينة بنت المعتمد

قال صاحب نفح الطيب وهو يذكر أديبات الأندلس:

ومنهن بثينة بنت المعتمد بن عباد، وأمها الرميكية السابقة. وكانت بثينة هذه نحوًا من أمها في الجمال والنادرة ونظم الشعر، ولما أحيط بأبيها ووقع النهب في قصره كانت في جملة من سُبي، ولم يزل المعتمد والرميكية عليها في وله دائم لا يعلمان ما آل أمرها إلى أن كتبت إليهما بالشعر المشهور المتداول بين الناس والمغرب.



وكان أحد تجار إشبيلية اشتراها على أنها جارية سرية ووهبها لابنه، فنظر من شأنها وهيئت له، فلما أراد الدخول بها امتنعت وأظهرت نسبها، وقالت: لا أحل لك إلا بعقد نكاح إن رضي أبي بذلك. وأشارت عليهم بتوجيه كتاب من قِبلها لأبيها وانتظار جوابه، فكان الذي كتبته بخطها من نظمها ما صورته:

اســمع كــلامي واسـتمع لمقـالتي      فهـي السـلوك بـدت من الأجياد 
لا تنكــروا أنــي ســبيت وأننـي        بنــت لملــك مــن بنــي عبـاد 
ملــك عظيــم قـد تـولى عصـره       وكــذا الزمـان يئـول للإفسـاد 
لمـــا أراد اللــه فرقــة شــملنا          وأذاقنـا طعـم الأسـى عـن زاد 
قـام النفـاق عـلى أبـي فـي ملكـه       فدنــا الفـراق , ولـم يكـن بمـراد 
فخرجــت هاربــة فحـازني امـرؤ     لــم يـأت فـي إعجالـه بسـداد 
إذ بــاعني بيــع العبيــد فضمنـي      مــن صـانني إلا مـن الأنكـاد 
وأرادنــي لنكــاح نجــل طـاهر       حسـن الخـلائق مـن بني الأنجاد 
     ومضـى إليـك يسـوم رأيـك بالر      ضا ولأنـت تنظـر في طريق رشادي 
فعسـاك , يـا أبتـي , تعـرفني بـه     إن كــان ممــن يرتجــى لـوداد
وعســى رميكيـة الملـوك بفضـ      لهـا تدعــو لنا بالخير والإسعاد

فلما وصل شعرها لأبيها وهو بأغمات واقع في شراك الكروب والأزمات، سُرَّ هو وأمها بحياتها، ورأيا أن ذلك للنفس من أحسن أمنياتها؛ إذ علما مآل أمرها وجبر كسرها، إذ ذاك أخف الضررين، وإن كان الكرب قد ستر القلب منه حجاب زين، وأشهد على نفسه بعقد نكاحها من الصبي المذكور وكتب إليها في أثناء كتابه ما يدل على حُسن صبره المشكور:
بنيتي كوني به برةً       فقد قضى الدهر بإسعاد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More