جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى | يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ |
لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُما | في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ |
إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى | تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ |
زُفَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى | مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ |
والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا | فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ |
ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما | كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ |
فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما | يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ |
في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى | بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ |
مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى | مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ |
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى | أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ |
حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى | هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ |
غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما | أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ |
أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا | فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ |
تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا | أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ |
فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى | وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ |
تبْصِرُ الورْدَ غَيوراً برِما | يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي |
وتَرى الآسَ لَبيباً فهِما | يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ |
يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا | وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ |
ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا | لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ |
فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى | تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ |
واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما | يتَلاشَى نفَساً في نفَسِ |
حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما | أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ |
وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبٌ | بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ |
قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ | بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ |
قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِبُ | في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ |
ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى | جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ |
سدَّدَ السّهْمَ وسمّى ورَمى | ففؤادي نُهْبَةُ المُفْتَرِسِ |
إنْ يكُنْ جارَ وخابَ الأمَلُ | وفؤادُ الصّبِّ بالشّوْقِ يَذوبْ |
فهْوَ للنّفْسِ حَبيبٌ أوّلُ | ليْسَ في الحُبِّ لمَحْبوبٍ ذُنوبْ |
أمْرُهُ معْتَمَدٌ ممْتَثِلُ | في ضُلوعٍ قدْ بَراها وقُلوبْ |
حكَمَ اللّحْظُ بِها فاحْتَكَما | لمْ يُراقِبْ في ضِعافِ الأنْفُسِ |
مُنْصِفُ المظْلومِ ممّنْ ظَلَما | ومُجازي البَريءِ منْها والمُسي |
ما لقَلْبي كلّما هبّتْ صَبا | عادَهُ عيدٌ منَ الشّوْقِ جَديدْ |
كانَ في اللّوْحِ لهُ مكْتَتَبا | قوْلُهُ إنّ عَذابي لَشديدْ |
جلَبَ الهمَّ لهُ والوَصَبا | فهْوَ للأشْجانِ في جُهْدٍ جَهيدْ |
لاعِجٌ في أضْلُعي قدْ أُضْرِما | فهْيَ نارٌ في هَشيمِ اليَبَسِ |
لمْ يدَعْ في مُهْجَتي إلا ذَما | كبَقاءِ الصُّبْحِ بعْدَ الغلَسِ |
سلِّمي يا نفْسُ في حُكْمِ القَضا | واعْمُري الوقْتَ برُجْعَى ومَتابْ |
دعْكَ منْ ذِكْرى زَمانٍ قد مضى | بيْنَ عُتْبَى قدْ تقضّتْ وعِتابْ |
واصْرِفِ القوْلَ الى المَوْلَى الرِّضى | فلَهُم التّوفيقُ في أمِّ الكِتابْ |
الكَريمُ المُنْتَهَى والمُنْتَمَى | أسَدُ السّرْحِ وبدْرُ المجْلِسِ |
ينْزِلُ النّصْرُ عليْهِ مثْلَما | ينْزِلُ الوحْيُ بروحِ القُدُسِ |
مُصْطَفَى اللهِ سَميُّ المُصْطَفَى | الغَنيُّ باللّهِ عنْ كُلِّ أحَدِ |
مَنْ إذا ما عقَدَ العهْد وَفَى | وإذا ما فتَحَ الخطْبَ عقَدْ |
مِنْ بَني قيْسِ بْنِ سعْدٍ وكَفى | حيْثُ بيْتُ النّصْرِ مرْفوعُ العَمَدْ |
حيث بيْتُ النّصْرِ محْميُّ الحِمَى | وجَنى الفَضْلَ زكيُّ المَغْرِسِ |
والهَوى ظِلٌّ ظَليلٌ خيَّما | والنّدَى هبّ الى المُغْتَرَسِ |
هاكَها يا سِبْطَ أنْصارِ العُلَى | والذي إنْ عثَرَ النّصْرُ أقالْ |
عادَةٌ ألْبَسَها الحُسْنُ مُلا | تُبْهِرُ العيْنَ جَلاءً وصِقالْ |
عارَضَتْ لفْظاً ومعْنىً وحُلا | قوْلَ مَنْ أنطَقَهُ الحُبُّ فَقالْ |
هلْ دَرَى ظبْيُ الحِمَى أنْ قد حَمَى | قلْبَ صبٍّ حلّهُ عنْ مَكْنِسِ |
فهْوَ في خَفْقِ وحَرٍّ مثلَما | ريحُ الصَّبا بالقَبَسِ |
0 التعليقات:
إرسال تعليق